top of page

الصلاة والصوم في البلاد التي لا تغيب فيها الشمس

  • صورة الكاتب: د. أنور غني الموسوي
    د. أنور غني الموسوي
  • 14 ديسمبر 2021
  • 2 دقيقة قراءة

ان القرآن الكريم جاء بنصوصه الصريحة وفق ما هو شائع ومعروف وغالب، واما الأمور النادرة او التي تبعد عن اذهاب العرف آنذاك فلا يتعرض اليها بالنص وهذا منطقي وانما يحكم تلك الصور النادرة الأصول والقواعد العامة. ومن ذلك مسألة الصوم والصلاة في البلاد التي لا تغيب عنها الشمس او يطول النهار او الليل بشكل غير اعتيادي.

ولا بدا أولا من التأكيد ان الصلاة والصوم من مقاصد الشريعة بل سميت اركانا ولهذا فان نصوص وجوبها لا تسقط من الإمكان. بمعنى مادام ممكنا اتيانها اتى بها.

ومن هنا فلا بد من صلاة خمس صلوات في اليوم ولا بد من صوم شهر رمضان في تلك البلدان، ويجري عليها أصول التمكن والاستطاعة ونفي الحرج. كما ان أوقات الصلوات الخمس ليست فقط مرتبطة بالأوقات تلك بل التباعد بين الصلوات ملحوظ أيضا، لان تلك الأوقات تعطي مساحة وفسحة للتباعد بينها لاجل تكرار الذكر.

والمدخل الى ذلك الإمكان وتلك الاستطاعة ونفي الحرج هو ان الأوقات المعروفة ليست هي الأوقات الحقيقة وانما هي علامات، ولا موضوعية لها، فاذا تعذر ادراكها جاز الاستعاضة بما هو علامة للأوقات الحقيقية. ولأجل عدم تخلف تغير موضع الشمس في السماء وتغير الإضاءة أمكن اعتماد تلك التغيرات وبما يتقارب مع الأوقات الظاهرية لو كانت موجودة. فمثلا الزوال هو الانتقال من الصعود الى النزول في الدرجة ومنتصف الليل على عكسه هو الانتقال من النزول الى الصعود، والفجر والعشاء والمغرب والعصر، هو ما يحقق الدرجة الظاهرية بإضافة او إنقاص عدد ثابت، نسميه عدد التصحيح. فمثلا إذا كان الشفق 18 درجة تحت الأفق والشمس لا تصل اليها اما في الأعلى او في الأسفل فانه يطرح من درجتها او يضاف اليها عدد يصحح ذلك.

وهذا الامر يجري على من لا تغيب عنده الشمس او لا تشرق أصلا او انه تشرق او تغيب لأكثر من المعتاد مما يسبب مشقة وان كان هناك غروب وشروق، وهذان الغروب والشروق ظاهريان وليسا حقيقيين من ناحية الشرع بل ربما حتى من ناحية العرف عندهم إذا ارتبط بساعات الدوام والاستراحة اعتمادا على النهار والليل مثلا. ولا بد من الإشارة ان هناك صلوات في النهار وصلوات في الليل راعى الشرع فيها البعد الزمني فمن غير المنطقي جعل ثلاث صلوات منها في ساعتين مثلا، لذلك فجعل الساعتين مقياس للعمل بالتقدير غير تام، والصحيح ان المقياس هو الحرج الذي لا يتحمل عادة ومراعاة تباعد الصلوات بغاية تكرار الذكر بتباعد.

ومن خلال عنصري الحرج عند الاغلب بالنسبة للصوم وتباعد الصلوات للصلاة يكون هذا هو المقياس المعتبر للتقدير، بان لا يكون الصوم مسببا لحرج عند الاغلب وان تكون التباعد بين الصلوات منطقيا مقاربا للمعتاد. فاذا كان طول النهار يسبب مشقة عند الاغلب او كانت الصلوات تتقارب بشكل مخل بالتباعد فانه يجوز التقدير. ولربما يكون الغالب هو تحمل 18 ساعة ويحتاج الامر الى استقراء كما انه محقق لغاية التباعد في الصلوات مع ملاحظة سنة صلاة الليل.

وقيل ان التقدير يكون بحسب أقرب بلد وهو ضعيف ولا وجه له، وقيل يعتبر توقيت مكة وهذا أضعف وقيل انه مادام هناك شروق وغروب التزم بهما وقيل يسقط الصوم وهذان القولان الاخيران من أضعفها وهما من الظاهرية الحشوية المخالف لمقاصد الشريعة وبطلانهما واضح.

 
 
 

المنشورات الأخيرة

إظهار الكل

تعليقات


 

 

أنور غني الموسوي الحلي طبيب وأديب وباحث اسلامي من العراق.  ولد في 29 ذي الحجة 1392 هجري (1973ميلادي) في بابل. درس في النجف الطب والفقه. مؤلف لأكثر من اربع مئة كتاب وظهر اسمه في عشرات المجلات والمختارات الادبية العالمية في الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة وآسيا وقد فاز بالعديد من الجوائز؛ منها "أفضل شاعر في العالم في عام 2017 من WNWU". وفي عام 2018 تم ترشيحه لجائزة اديليد للشعر وفي عام 2019 تم ترشيحه لجائزة Pushcart. حصل على جائزة روك بيبلز الأدبية من الهند، وجائزة ياسر عرفات الدولية للسلام، وجائزة أكاديمية الروح المتحدة للكتاب للشعر في عام 2019. أنور طبيب استشاري أمراض الكلى وطالب علوم دينية، ومؤلف لأكثر من ثلاث مائة كتاب. ثلاثون منهم باللغة الإنجليزية مثل؛ "A Farmers Chant؛ Inner Child Press 2019،" Color Whispers"   ، AABAS Publishing House، 2019، and "Salty Tales"، Just Fiction، 2019. وهو رئيس تحرير مجلة Arcs Prose Poetry.)

 يعتمد أنور الموسوي منهج عرض الحديث على القران وعدم العمل بالظن.   في 2020 بدأ بمراجعة الحديث والتفسير، ومن ثم بعض العقائد والشرائع، وأصدر مجموعة من الرسائل بين 2020 و2021 وفق منهج العرض والفقه التصديقي، فيها مراجعة لبعض العقائد والمسائل الشرعية والتفسيرية. في 2021 أنشأ مجموعة المدرسة العرضية في الفقه وألف كتابه (معارف الفقه التصديقي). يدعو أنور الموسوي الى (اسلام بلا طوائف) الى (عامية الفقه).  

  

bottom of page