المختارات الفقهية كاشفة عن جودة الاستدلال وفقاهة الفقيه؛ اقوال الشيخ اليعقوبي انموذجا.
- د. أنور غني الموسوي
- 13 أبريل
- 8 دقيقة قراءة

المختارات الفقهية كاشفة عن جودة الاستدلال وفقاهة الفقيه؛ اقوال الشيخ اليعقوبي انموذجا.
حينما كنا في الدرس عدلت بتقليدي من السيد الخوئي رحمه الله تعالى الى السيد السيستاني حفظه الله تعالى، فسألني احدهم قال لماذا عدلت الى السيد السيستاني؟ قلت له ثبت لي انه اعلم من السيد الخوئي. فقال لي وكيف ثبت لك وهو ليس له كتب استدلال ولا مؤلفات كالسيد الخوئي؟ فقلت له ان فتاويه واقواله ومختاراته في الرسالة العملية كاشفة عن اعلميته، فانه بعرض تلك الاقوال على الادلة تتبين متانة القول وقوته وجودة الاستنباط. وبعدها عندما حضرت درس استاذنا الشيخ بشير النجفي واطلعت على اقواله ثبت لي انه الاعلم، لذلك لا يصح الاعتماد كليا على اقوال اهل الخبرة وشهرتها فلربما لا يكونون مطلعين على جميع الاقوال وعلى مهمات المسائل.
وحينما اتممت كتابي (جامع الاقوال) مبحث الاجتهاد والتقليد وراجعت فيه اقول اكثر من سبعين مرجعا متصديا للفتوى من المعاصرين ادهشتني المختارات والاقوال المتميزة للشيخ اليعقوبي حفظه الله تعالى، والتي تكشف عن جودة استنباط وقوة ملكة اجتهاد وعمق فقهي متميز لذلك لا يكون مستغربا هذا العدد الكبير من طلبة العلوم الحوزوية الذين يحضرون درسه ويتابعون اقواله، لكن ما استغربه انه كيف لا تنتشر وتبرز وتبين اقواله المهمة المؤثرة، ولربما ان هذا يعود الى زهده وتواضعه وتقواه لكن ارى ان من واجب طلبته ايصال افكاره الى الناس والكشف عن عمقها وجودة استنباطها وخصوصا مع حملات التشكيك غير المنصفة وغير المبررة التي يتعرض لها هذا الفقيه الكبير ايده الله تعالى.
وهنا استخلص بعض المسائل التي للشيخ اقوال متميزة من كتاب الاجتهاد والتقليد، وكل من له خبرة في ادلة الاحكام والاقوال في المسائل والمباحث الخاصة بها سيتبين له جليا جودة مختاراته واقواله من بين الاخرين والله الموفق.
مسألة : السن علامة للبلوغ
قال الاكثر: يحصل البلوغ في الانثى باكمال تسع سنين قمرية. و قال المدرسي في الاستفتاءات باكمال اثنتي عشرة سنة بينما في الفقه الاسلامي تسع سنين وقال اليعقوبي بثلاث عشرة سنة قمرية .
مسألة : في الرجوع الى السن
قال اليعقوبي اذا لم تتحقق احدى العلامات يرجع الى السن .و قال الاكثر بكفاية أي منها دون ترتيب.
مسألة : اذا لم يبلغ الطفل لمرض
قال المدرسي .إذا تخلّـف الطفـل بسبب مرض أو غيره عن بلوغ أشـده، وعلمنا بأنه لا يـزال في مرحلة الطفولة فلا بلوغ حتى ولو تجاوز العمـر المحدّد . وظاهر اطلاق الاخرين ان كمال السن بلوغ وان لم تظهر العلامات بل هو صريح اليعقوبي.
قال اليعقوبي : اذا لم تتحقق احدى العلامات يرجع الى السن .
مسألة : في وجوب الاجتهاد الفعلي على المجتهد
م) اذا تمت ملكة الاجتهاد عند المجتهد ففي وجوب الاجتهاد عليه اقوال:
القول الاول : وجوب الاجتهاد ان لم يختر الاحتياط.
القول الثاني : عدم الوجوب ( عند من جوز الاجتهاد الاختصاصي والتجزؤ على وجه)
القول الثالث : الوجوب اذا لم يحصل له الاطئمنان بقول الاعلم .
قال اليعقوبي لا يحرم على المجتهد العمل بفتاوى مجتهد غيره جامع للشرائط إلا مع عدم حصول الاطمئنان بفتواه. فانه يتنجّز وجوب الاستنباط عليه عند عدم الاطمئنان للحكم ولو باحتمال معتنى به في مسألة ما .
مسألة : تجزؤ الاجتهاد
في تجزؤ الاجتهاد قولان : الاول امكانه والثاني عدمه .
القول الاول : امكانية تجزؤ الاجتهاد قال الاكثر.
القول الثاني : عدم تجزؤ الاجتهاد قاله فضل الله و اليعقوبي
قال فضل الله اذا حصلت ملكة الاجتهاد قد تكون الظروف ملائمة ليستنبط في جميع الابواب وهذا هو المجتهد المطلق و قد لا تؤاتيه الظروف الا في بعضها وهذا هو المتجزئ ، فالتجزؤ في مساحة الاجتهاد لا ملكته .
قال اليعقوبي ان الاجتهاد ملكة ، يقوى و يضعف لكن لا يعقل تجزؤه . وقال ايضا الاجتهاد ملكة وقدرة فإذا توفرت في الشخص - بفضل الله تبارك وتعالى- صار مجتهداً ولا معنى لتجزئها، نعم، هي قابلة للضعف والقوة كسائر الملكات
مسألة: الاجتهاد الاختصاصي
الاجتهاد الاختصاصي ، بان يختص مجتهد في قسم معين من الفقه امر جائز . قاله اليعقوبي .
قال اليعقوبي : لما كانت الممارسة الطويلة وسعة الاطلاع على الآراء الفقهية ذات تأثير في دقة الحكم الصادر فإنّ التخصص في الفقه كالتخصص في الطب وسائر العلوم الأخرى أمر مقبول، بل مستحسن ويساهم في إنضاج العلم وتعميقه والوصول إلى نتائج مبدعة.
و قال ايضا : : إذا سار نظام الحوزة العلمية الشريفة في طريق التخصص في الاجتهاد فيمكن أن نصل في يوم ما إلى مجلسٍ من المجتهدين الجامعين للشرائط تتوزع عليهم مسؤولية الافتاء، ويكون المرجع القائد رئيساً لهم ويمسك بالوظائف الاجتماعية .
مسألة : وجوب التبعيض مع كون بعضهم اعلم من بعض في المسائل . قاله الاكثر
تفصيل :
1- اذا كان مجتهدان احدها اعلم في بعض المسائل و الاخر اعلم في غيرها وجب التبعيض في التقليد مع المخالفة ، قاله الاكثر .
2- او مطلقا كما عن اليزدي
3- الاحوط عند من احتاط في ذلك كاليزدي و الخميني و غيرهما .
4- اشتراط التخصص وهو ظاهر اليعقوبي
قال اليعقوبي : وإذا وجد فقيه متخصص في مجال معين وكان (اعلما) في اختصاصه فيمكن، بل يجب الرجوع إليه في هذا المجال ويبقى في غيره ملتزماً بمرجع تقليده.
5- تجويز التبعيض في مورد الحاجة لا مطلقا.
قال فضل الله "يجب الاحتياط..." فهي فتوى بالاحتياط يجب العمل بمضمونها و لا يسوغ الرجوع الى مجتهد اخر إلاَّ من باب آخر، هو تجويز التبعيض في التقليد في مورد الحاجة لا مطلقاً.
مسألة : الوظيفة تجاه الاحتياط الوجوبي .
قولان:
الاول: الاحتياط الوجوبي: اما ان يعمل وفقه او يرجع الى الغير الاعلم فالأعلم .قاله الاكثر .
الثاني: قال اليعقوبي الاحتياط الوجوبي عندنا يجب العمل به .
مسالة : يعتبر في المرجع العقل. بلا خلاف .
تفصيل : مفهوم هذا الشرط وصورته سعة وضيقة على اقوال اجمالا:
1- قال محمد علي الطباطبائي فلا يصح تقليد المجنون الذي افتى حال جنونه.
2 - قال النجفي و لا يصح تقليد من يقل ادراكه للامور المعتادة .
3- قال اليعقوبي باعتبار قدرته الكاملة على اداء وظائفه .
4 - قال الاحقاقي لا يجوز تقليد المجنون و السفيه و الاحمق .
مسالة : في حجية فتوى المجتهد المتجزئ على نفسه .
قولان ، الاول الحجية و الثاني عدمها .
القول الاول : حجية فتوى المتجزئ بحق نفسه . قاله الاكثر
القول الثاني : عدم حجية فتوى المجتهد المتجزئ مطلقا حتى على نفسه . قاله اليزدي و النجفي . وهو ظاهر اليعقوبي .
قال اليعقوبي : الاجتهاد ملكة وقدرة فإذا توفرت في الشخص -بفضل الله تبارك وتعالى- صار مجتهداً ولا معنى لتجزئها، نعم، هي قابلة للضعف والقوة كسائر الملكات، وهي -كممارسة- قابلة للتخصص . (اقول فهنا مفاهيم غير التجزؤ كقوة الاجتهاد وضعفه والتخصص الاجتهادي وهو لمجتهد مطلق لكنه مختص بباب من الفقه)
فهنا تفرعات في المسالة والذي استظهره ولا اجزم به ان ظاهر اليعقوبي ان قول المجتهد ضعيف الملكة ليس حجة حتى بحق نفسه. حيث ان قال في موضع اخر:
(بين الوصول إلى درجة الاجتهاد -التي هي درجة علمية- واستحقاق المرجعية وقيادة الأمة -التي هي مسؤولية دينية اجتماعية عامة- مدة زمنية أولاً لإنضاج الملكة وتقويتها بالممارسة وسعة الإحاطة، ومراتب معنوية ثانياً للسير في مدارج الكمال وتهذيب النفس والارتباط بالله تبارك وتعالى بحيث يصبح مسؤولاً عن مصير أمة كبيرة .)
وهذا ظاهر في شروط اخرى لاجل الفتوى للغير منها المراتب المعنوية.
مسألة : اعتبار الذكورة في المرجع
في اعتبار الذكورة في المرجع ثلاثة اقوال ، الاول اعتبارها مطلقا و الثاني اعتبارها في الولي و ليس في المفتي و الثاني اعتبارها اذا كان المقلدون ذكورا .
القول الاول : اعتبارها مطلقا . قاله الاكثر
القول الثاني : اعتبارها في زعيم الطائفة و عدم اعتبارها في المفتي قاله الحيدري .
القول الثالث : اعتبارها اذا كان المقلدون ذكورا .قاله اليعقوبي .
قال اليعقوبي يعتبر ان يكون (المرجع) ذكراً إذا كان من يرجع إليه ذكور .
مسالة : حقيقة العدالة المعتبرة في المرجع .
في تعريف العدالة المعتبرة في المرجع ثلاثة اقوال ، الاول انها ملكة و الثاني انها الاستقامة والثالث انه الدافع و روح التقوى .
القول الاول : العدالة هي ملكة . وهي على تفصيل:
1- ملكة مانعة غاليا عن الوقوع في المعاصي الكبيرة .قاله الحكيم و السبزواري و الصدر الثاني.
2- قال اليعقوبي ويراد بها قابلية وملكة نفسية يكون الشخص بموجبها قادراً على ضبط تصرفاته وعقائده وميوله. (وظاهره ادخال سلامة العقيدة في العدالة)
3- قال اللنكراني وتحقّق الإتيان والترك خارجاً بضميمة ملكة المروّة.
4- ملكة اتيان الواجبات و ترك المحرمات . قاله اليزدي ومثله السند
⦁ القول الثاني : العدالة هي الاستقامة. قاله جماعة.
⦁ القول الثالث : العدالة هي الدافع الالهي وروح التقوى .قاله والخاقاني الثاني والخامنئي
مسألة : اعتبار كون العدالة في المرجع بمرتبة عالية .
يعتبر في عدالة المرجع ان تكون على مرتبة عالية . قاله جماعة .
تفصيل .
1- قال الحكيم الثاني و النجفي و الحيدري بوجوب العدالة بمرتبة عالية .
2- قال الخامنئي : يُشترط على الأحوط وجوباً إضافة الى العدالة، التسلّط على النفس الطاغية.
3- قال اليعقوبي و يشترط في مرجع التقليد أقصى حالات السيطرة على ميول النفس .
مسالة : مفهوم الاعلمية .
الاعلم هو الاقدر على الاستنباط . بلا خلاف .
لكن بتفصيل :
مسألة : ما يعتبر في الاقدر (الاجود) استنباطا من امور:
الاول : ان يكون أعرف بالقواعد والمدارك للمسألة . قاله اليزدي
الثاني : ان يكون أكثر اطلاعاً بالمدارك وللأخبار . قاله اليزدي .
الثالث : ان يكون وأجود فهماً للأخبار ، قاله اليزدي
الرابع : اعتبار معرفته بأوضاع زمانه ـــ بالمقدار الذي له مدخلية في تشخيص موضوعات الأحكام الشرعية . قاله الخامنئي .
الخامس : ان يكون الاعلم في اصول الفقه . قاله الفياض .
السادس : ان الاعلم في الابتكار في المباني الكلية الاصولية . قاله الخاقاني الثاني .
السابع : ان يكون اكثر احاطة بالمدارك و تطبيقاتها . قاله السيستاني .
الثامن : العلم بطرق اثبات صدور الرواية . قاله السيستاني
التاسع : فهم المراد من النص بتشخيص القوانين العامة للمحاورة. قاله السيستاني .
العاشر : استقامة النظر في مرحلة تفريع الفروع على الاصول. قاله السيستاني .
الحادي عشر : الاعلم هو الاقدر من غيره على ارجاع الفروع الى الاصول. قال النجفي .
الثاني عشر : كلما كانت شروط المرجعية أكثر توفراً في المجتهد ينبغي اختياره في التقليد وهو المعنى الواسع (للأعلمية) . قال اليعقوبي.
الثالث عشر : الاعرف بالاستنباط يحصل من مجموع جهات و حيثيات عديدة بحسب المسائل و الابواب . قاله اليعقوبي .
⦁ الرابع عشر : قال الحكيم الثاني : الاعلم هو الاجود فهما للنصوص و الاقدر على الجمع بينها بالنحو العرفي و الامتن في القواعد الاصولية و الاشمل نظرا للقرائن الحالية و ملاحظة المرتكزات العرفية و التشرعية و كل ذلك لا يدركه الا اهل الخبرة .
⦁ الخامس عشر : قال الفياض يكون اعلم منهم باحكام الشريعة و الاعرف و الاقدر على تكوين القواعد العامة و الادق في مجال التطبيق و الاستنباط .
مسألة : يعتبر في مرجع التقليد .فهم الحياة و الإطلاع على أوضاع الزمان والمكان . قاله جماعة .
تفصيل :
⦁ قال الصدر باعتبار ان يكون المرجع على فهم بالحياة و شؤونها بالقدر الذي تتطلبه معرفة احكامها .
⦁ قال الخامنئي : معرفته بأوضاع زمانه ـــ بالمقدار الذي له مدخلية في تشخيص موضوعات الأحكام الشرعية، وفي إبداء الرأي الفقهي المقتضي لتبيين التكاليف الشرعية ـــ لها دخل في الإجتهاد أيضاً.
⦁ و قال اليعقوبي أن يكون عارفاً بشؤون الحياة العامة لأنّ لها دخلاً في فهم الموضوعات وبالتالي في صحة تطبيق الحكم عليها.
مسألة : في الشياع المعتبر .
م) الشياع اذا تحقق كاف في اثبات الاجتهاد و الاعلمية والعدالة . بلا خلاف . بل اجماع .لكن اعتبر جماعة في تحققه ان يكون بين أهل الخبرة . فهنا قولان :
⦁ القول الاول : كفاية الشياع بين الناس . قاله الاكثر .
القول الثاني : اعتبار ان يكون الشياع بين اهل الخيرة . قاله جماعة .
- قال التبريزي لا بد من الشياع بين اهل الخبرة و الشياع بين عوام الناس من دون ان يرجع الى الشياع بين اهل الخبرة لا اعتبار به .
- قال الخاقاني الشياع بين اهل الخبرة المفيد للعلم .
- قال النجفي الشيوع بين ذوي الاختصاص بالفقه الاسلامي وقال (المقصود بالشياع هو الاشتهار بين أهل العلم الذين يميزون بين المجتهد وغيره وبين الأعلم و المفضول وليس المقصود بالشياع في الشارع فإن له أسباب عديدة لا تكشف عن الواقع غالباً ) .- وهو قول اليعقوبي .
مسألة : ما يعتبر في أهل الخبرة .
اضافة للتقوى والاطلاع والاجتهاد او ما يدانيه يعتبر في اهل الخبر القدرة على التقييم العلمي.
- قال الصدر و الفياض بشهادة عدلين من المجتهدين الاكفاء او الافاضل القادرين على التقييم العلمي.
قال اليعقوبي بشهادة أهل الخبرة والاختصاص وهم فضلاء وأساتذة الحوزة العلمية الشريفة القادرون على فهم بحوث المجتهدين والتمييز بينها فضلاً عن مجتهديها.
وايضا اعتبر اليعقوبي الدقة كشرط.
قال اليعقوبي ايضا ويشترط في أهل الخبرة إضافة إلى الفضيلة العلمية المرموقة الدقة في الشهادة والورع والترفع عن الهوى والمصالح الشخصية والفئوية.
مسألة : التصدي لنقل الفتوى الى الغير .
لا يجوز للمكلف نقل الفتوى إلى غيره إلا بعد التأكد من صدورها و فهمها - هو ظاهر الكل وصريح اليعقوبي.
قال اليعقوبي : لا يجوز للمكلف نقل الفتوى إلى غيره إلا بعد التأكد من صدورها من مرجع التقليد وإلا بعد فهم المراد منها جيداً .
المنشورات الأخيرة
إظهار الكلالحيض والطهر (فترة عدمه) أمور عرفية علمية طبية ويتراوح الحيض بين ٢ إلى ٧ يوم كل ٢١ إلى ٣٥ يوما فما يكون ضمن ذلك فهو طبيعي وحيض. ما يحدد...
تعليقات