تلخيص أصول الفقه
- د. أنور غني الموسوي
- 13 أبريل
- 33 دقيقة قراءة
المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على خير خلقه محمد و اله الطيبين الطاهرين.
هذه مقالة في اهم المسائل الاصولية على وجه الاختصار و التلخيص من دون تفصيل و الذي اوكلناه و سطرناه بالصورة الوافية الشافية في كتبنا الاخرى ، و نحن هنا نقتصر على متون المسائل باعتماد الواضح من معارفها وجدانا و عرفا و شرعا والاشارة السريعة الى المهم من مناقشة ، و الله المسدد .
فصل : تعريف علم الاصول
مسالة (1) : قيل ان علم الاصول هو قواعد معتبرة تستعمل في استفادة الاحكام الالهية لكن العلم هو مجموعة ابحاث منهجية في ميدان معين للوصول الى نظام قواعد متناسقة .
فصل : موضوع علم الاصول :
مسالة (2) : ان موضوع العلم هو الميدان الذي يبحث فيه بحثا منهجيا لاجل تحقيق نظام القواعد المتناسقة و من الواضح جدا ان الميدان المتميز الذي يبحث فيه في علم الاصول هو ادلة الفقه .و من هنا يمكن تعريف علم الاصول انه مجموعة ابحاث منهجية تتناول ادلة الفقه للوصول الى قواعد متناسقة بخصوصها .
فصل: المسالة الاصولية
مسالة ( 3) : المسالة الاصولية هي البحث المنهجي في جهة من جهات ادلة الفقه .
المقصد الاول : مباحث الالفاظ
مقدمة في امور
فصل : في الوضع
مسالة (4 ) : الوضع هو تخصيص اللفظ بالمعنى .
مسالة (5 ) : وضع اللفظ للمعنى ليس اعتباطيا كما انه ليس ذاتيا ، بل المناسبة بينهما يمكن ان تتسع بسعة التجربة الانسانية فيمكن ان تكون مادية او اعتقادية او اعتبارية و يمكن ان تكون وهمية و خيالية تصحح الاختيار .
مسالة (6) :الوضع قد يكون نوعيا كوضع الهيئات او شخصياكوضع الاعلام و قد يكون تعيينيا او تعينيا .
مسالة ( 7) : المعروف تقسم الوضع الى خاص عام و الموضوع له الى خاص و عام ، لكن ظاهر الوجدان انه ليس للوضع الا شكل واحد وهو ان الوضع عام بالماهية المجردة التمييزية وان الموضوع له عام . فالمعنى حين الوضع هو صورة غير ملحوظ فيه العموم و الخصوص و لا الكلية و لا الجزئية ، كما ان كل ما امكن استعماله في اكثر من نظالم تعبيري لغوي فهو كلي تعبيري لغوي .
فصل : الحقيقة و المجاز
مسالة ( 8) : لا ريب في وقوع الحقيقة و المجاز في المحاورات و الاولى هي استعمال اللفظ في معناه الموضوع له كما ان الثاني هو استعماله فيما يناسبه .
فصل : علامات الحقيقة
مسالة (9) : قبل ان للحقيقة علامات كالتبادر و صحة الحمل ، ولكن هذا غير ظاهر، اذ لا ريب في اعتبار العلم الارتكازي بحقيقة المعنى ، والظاهر للوجدان انه ناتج عن التنصيص و ليس هناك من سبيل اخر غيره للعلم بالمعاني الحقيقية
مسالة (10) : يراد بالتبادر انسباق المعنى من حاق اللفظ ، وفيه انه ليس لنا طريق لاثبات استناده الى حاق اللفظ و ليس الى القرينة . و يراد بصحة الحمل ملاحظة المعنى بالتفصيل ثم يلاحظ اللفظ بما له من المعنى المرتكز المدلول عليه بحاق اللفظ ، فيقاس بين المعنيين ، فإذا رآهما متحدين، فان هذا الاتحاد كاشف عن المعنى الموضوع له ، و فيه ان استعلام الحال حاصل من تصور الموضوع ، السابق على الحمل و سلبه .
فصل : اصالة عدم القرينة
مسالة (11) : إذا استعمل اللفظ وشك في ارادة معناه الحقيقي أم معناه المجازى من جهة احتمال وجود القرينة تجرى اصالة عدم القرينة العقلائية ويحرز بها ارادة الحقيقي.
فصل : الحقيقة الشرعية
مسالة (13) : لا دليل على كون المخترعات الشرعية معان مستحدثة بل يظهر من جملة من الايات و النصوص الكثيرة الواردة في حالات الانبياء عليهم السلام انها كانت في جميع الشرائع الالهية مع اختلاف في خصوصياتها في الجملة ، و الظاهر انها كانت مستعملة في معان لغوية و انما استعملها الشارع في ما اراد على نحو استعمال الكلي في الفرد . ولا يقال بوجوب حمل الالفاظ الواردة في الكتاب والسنة بلا قرينة على المعاني اللغوية اذ ان الظاهر صيرورتها مجازات مشهورة في ذلك الزمان في المعاني الشرعية و تلك الشهرة ربما توجب انعقاد الظهور في المعنى المجازى فيكون الحمل على المعنى اللغوي هو المحتاج الى قرينة .
فصل : الصحيح و الاعم
مسالة (14) : وقع النزاع في ان الالفاظ موضوعة للمعاني الصحيحة او للاعم منها و من الفاسد و لا اختصاص لهذا النزاع بخصوص المخترعات الشرعية .و من الواضح ان المقصود اثناء الوضع يكون بغاية التمييز غير الملحوط فيه المرتبية و هو مختلف عن المقصود في التوظيف الملحوظ فيه المرتبية و لوضوح ان الصحة و الفساد من نظام المرتبية فمجالها التوظيف المتاخر دائما عن الوضع فيتين ان الالفاظ موضوعة للاعم من الصحيح و الفاسد .
مسالة (13) اقول من الواضح ان الطلب يكون للصحيح و الصحة عرفا تحقيق الغاية المنشودة في نظامها ، فاقرب الاصطلاحات الخاصة الى حقيقة الصحة العرفية هو القول ان الصحيح هو الموافق للشريعة .
مسالة (14) من المعلوم إن الصلاة و غيرها من المخترعات الشرعية معان جعلية تعرف عن طريق ما اشار اليه الشرع ،و من الملاحظ إن بين افراد الصلاة تباين تركيبي لا يمكن من الجامع الانتزاعي ،فلا بد إن يكون الجامع مركبيا مبهما .
فصل : في الترادف و الاشتراك اللفظي
مسالة (15) قد يكون المعنى واحدا و اللفظ متعددا و يعبر عنه بالترادف او بالعكس يكون المعنى متعددا و اللفظ واحدا و يعبر عنه بالمشترك و لا ريب في وقوعهما في المحاورات الصحيحة .
فصل : في المشتق
مسالة ( 16) المشتق حقيقة في خصوص المتلبس بالمبدا و مجاز في غيره و يدل عليه مرتكزات العقلاء .
مسالة ( 17) ذكر عنوان المشتق في عنوان البحث انما هو من باب الغالب لا الاختصاص فالمراد به كل محمول يحمل على موضوع ، فجميع الجوامد المحمولة داخلة في البحث و لا وجه لاخراج اسم الزمان عن مورد البحث بدعوى انه لا بد ان يكون الموضوع باقيا في حالتي التلبس و الانقضاء و الزمان ليس كذلك لانه متصرم فليس شيء واحد محفوظا في الحالتين اذ فيه امكان تحقق بقاء شيء واحد فيهما كطبيعي الزمان او الوحدة الاعتبارية الملحوظة .
مسالة (18) ان معنى المشتق بسيط فان المتبادر منه واحد و ان انحل بالدقة العقلية الى شيئينمعروض و عرض و لكن لا ربط للدقيات العقلية بالتبادرات اللفظية .
المبحث الاول : الاوامر
فصل : في مادة الامر
مسالة (19) : الامر عرفا و اصطلاحا البعث بلفظ افعل او ما يقوم مقامه .
مسالة (20) : مقتضى الارتكازات تقوم الامر بالعلو و اما الاستعلاء فغير معتبر
مسالة (21) : مادة الامر في أي هيئة ظاهرة في الوجوب الا مع القرينة على الخلاف لانسباق الوجوب منها .
فصل : في صيغة الامر
مسالة (22) : المتيقن هو استعمال صيغة الامر في البعث نحو المطلوب و اما ما ذكر لها من المعاني من التهديد و الرتجي و غيرهما فهي من دواعي الاستعمال وهي خارجة عن كل من الموضوع له و المستعمل فيه .
مسالة (23) : هيئة الامر مفادها البعث نحو المطلوب فيحكم العقل بلزوم الامتثال و الترخيص يحتاج الى قرينة .
مسالة (24) : لا ريب في وقوع الطلب بجمل خبرية ، هي ظاهرة في الوجوب لعين ما مر في هيئة الأمر .
مسالة (25) : لا تدل الصيغة على المرة و لا على التكرار اذ ليس مفادها الا البعث نحو المطلوب فقط و مقتضى اصالة الاطلاق الاكتفاء بمجرد اتيان ذات المامور به وهو مقتضى اصالة البراءة ايضا .
مسالة (26) : لا تدل الصيغة بشيء من الدلالات على الفور او التراخي و الاطلاق ينفي الالزام بالفورية .
مسالة (27) : التعبدي ما يعتبر في صحته قصد القرية ، و التوصلي ما لم يشترط في صحته قصد القربة ، و اطلاق صيغة الامر تقتضي كون الوجوب توصليا والقول ان اعتبار قصد الامر في متعلق العبادة مستلزم لتقدم ما هو متاخر طبعا وهو محال لان متعلق الامر متقدم طبعا على الامر ففيه انه لا محذور لاختلاف المتقدم و المتاخر بالحيثية و الجهة فما هو متقدم انما هو لحاظ الامر بما هو طريق الى الخارج و ما هو متاخر نفس الامر الخارجي الصادر من الآمر.
مسالة (28) : ظاهر ادلة العبادات اعتبار المباشرة فيها الا ان يدل دليل على الخلاف ، كما ان العبادة لا تمتثل بالمحرم لان التقرب بالمبغوض مما تأباه العقول و اما التوصليات فلا يعتبر فيها المباشرة ،كما انها تسقط بالمحرم و ان اثم .
مسالة (29) : اطلاق دليل الوجوب يقتضي ان يكون عينيا نفسيا تعيينيا .
مسالة (30) : ان الوجدان و السلوك العقلائي العرفي يشهد بعدم اختلاف الامر المتعقب للحظر عن غيره ، فهو على دلالته على الوجوب و ليس في هذا التركيب مزيد خصوصية لتكون قرينة على انه لمطلق الجواز .
مسالة (31) : اذا ورد الامر بشيء ثم ورد اخر به قبل امتثاله فمقتضى المحاورات ان الثاني تاكيد للاول و ان ورد الامر بشيء بعد امتثاله فهو وجوب اخر لا ربط له بالاول و ان كان مثله الا مع القرينة على الخلاف في الموردين . .
فصل: اقسام الواجب وهي سبعة
القسم الاول : المطلق و المشروط :
مسالة (32) : كل واجب اذا لوحظ وجوبه مع شيء فان كان مقيدا به فهو مشروط و الا فهو مطلق بالنسبة اليه.
القسم الثاني : المعلق و المنجز
مسالة (33) ان الوجوب إذا تعلق بالمكلف به ، ولم يتوقف على امر غير مقدور يسمى منجزا، وما تعلق وتوقف حصوله في الخارج على امر غير مقدور كالوقت في الحج يسمى معلقا ، و لا ريب في وقوعه في اوامر الموالى العرفية . فأنه قد يكون للشخص كمال الاحتياج الى شئ وهو له في كمال المصلحة ، إلا أن لهذا الفعل قيدا دخيلا في ترتب مصلحته عليه ، وهو مما لا يحصل إلا في المستقبل ، فيجب عليه أن يأتي بذلك العمل إذا حان حينه وحضر وقته .
القسم الثالث : النفسي و الغيري .
مسالة (34) : الغيري ما وجب لأجل واجب آخر على ذلك المكلف ، والنفسي ما وجب لأجل نفسه ، فلا يكون في الغيري إلا مصلحة المقدمية والأجلية لهذا الآخر .
مسالة (35) : من الظاهر عدم ترتب ثواب او عقاب على امتثال الواجب الغيري ومخالفته حيث أنه لما كان بعث المولى فيه بعثا مقدميا ، فكما أن المولى أمر به تبعا فهو أيضا ينظر إليه تبعا ، وامتثال العبد امتثال الواجب النفسي .
القسم الرابع : التعييني و التخييري
مسالة (36) : لا اشكال في وقوع الواجب التخييري في الشرع والعرف و من هنا لا مبرر لبحث امكانه ثبوتا لان الوقوع متاخر عن الامكان .
مسالة (37) : لا اشكال في التخيير بين الأقل والأكثر بأن يكون الأقل مؤثرا في أمر قابل للشدة والضعف ، فلو اقتصر على الأقل يستوفي المطلوب من المرتبة الضعيفة ، وإذا أتى بالزائد اشتد الأثر المزبور وهذا ظاهر .
القسم الخامس : العيني و الكفائي
مسالة (38) : لاريب في وجود الواجبات الكفائية عرفا وشرعا، وهي الامور التي يكون المطلوب تحققها من دون عناية الى صدورها من شخص خاص ، بل الجميع مسؤولون عنها، ويترتب عليها سقوط الوجوب بفعل البعض لحصول غرضه وعقاب الجميع بتركها رأسا .
القسم السادس : الموسع و المضيق
مسالة (39) : الوجوب اما مطلق من حيث الوقت او مؤفتا ، فان كان الوقت بقدر الواجب فمضيق والا فموسع ، و لا ريب في وقوع الجميع عرفا و شرعا ، و لا اشكال على الواجب الموسع بعدما كان متعلق الأمر كلي الفعل الواقع في الوقت ، وعدم جواز ترك آخر فرد منه ليس لوجوب ذلك الفرد بعينه ويكون غيره مما يتقدم عليه مسقطا للواجب لا واجبا .
مسالة (40) : نفس دليل الوجوب في الوقت لا يدل على القضاء فالقيد ركن في المطلوب فلا يفهم منه الا مطلوب واحد و تعدد المطلوب محتاج الى قرينة ، و لا يتم الاستصحاب ، لأن الكلي المقيد غير المطلق بنظر العرف ، وعليه فإثبات الوجوب الثابت للموقت لذات عارية عن قيد الوقت اسراء للحكم من موضوع الى موضوع آخر .
القسم السابع : الاصلي و التبعي
مسالة (41) : الاصلي ما كان عن ارادة استقلالية و التبعي ما كان عن ارادة تبعية ، و قد يستفاد التبعي من الدلالة الاستقلالية و الاصلي من غيرها كالمفاهيم و يمكن ان يكون كل من الواجب النفسي و الغيري اصليا و تبعيا كما لا يخفى .
المبحث الثاني : النواهي
فصل: دلالة النهي على الفورية و الاستمرارية
مسالة 42 : ان النهي متعلق بالطبيعة كالاوامر و من اللوازم العرفية لتعلق النهي بالطبيعة الفورية و الاستمرار بالنسبة الى الافراد لان معنى الردع عن الطبيعة اعدامها بالمرة .
فصل : اجتماع الامر و النهي في واحد
مسالة 43 : البحث في المقام هو ان تعدد العنوان في الواحد هل يكفي في رفع محذور التضاد بين الامر و النهي المتعلقين به ؟ و اتفق العلماء انه لو كان تعدد الوجه و العنوان في الواحد كافيا في رفع محذور التضاد يصح الاجتماع كما اتفقوا على عدم الصحة مع عدم الكفاية فالنزاع في المقام صغرويا .
مسالة 44: ان التعدد الاعتباري يكفي في رفع التضاد بين الاعتباريات .
مسالة 45 : لا وجه لدعوى ان جواز الاجتماع مستلزم لنقض الغرض لان الامر بالشيء هو لدرك المصلحة و التقرب بالمامور به الى الله تعالى وهو لا يجتمع مع النهي الفعلي اذ فيه انه لا محذور فيه بعد تعدد الجهة فيجلب المامور به المصلحة من جهة و تقع المفسدة من جهة اخرى و لا محذور فيع من عقل او نقل او عرف .
المبحث الثالث : المفاهيم
مسالة 46 : المفهوم عرفا و اصطلاحا يطلق على ما يلازم الكلام عرفا و غير مذكور في اللفظ بحدوده وقيوده.
مسالة 47 : بناء العقلاء على اعتبارالمفهوم في حال ثبوته فالنزاع في مبحث المفهوم صغروي ، بمعنى انه هل يكون للجملة الشرطية- مثلا- مفهوم او ليس لها مفهوم ؟ و المفاهيم المبحوثة هي :
فصل : مفهوم الشرط
مسالة 48: المشهور ان للشرطية مفهوم و مما قيل في دلالة الجملة الشرطية على المفهوم وجوه الاول : ان دلالتها على العلية التامة المنحصرة وضعية لتبادرها منها و فيه ان المتبادر مطلق الترتب في الجملة لا على نحو العلية فضلا عن التامة او المنحصرة .
مسالة 48 : الوجه الثاني من وجوه دلالة الجملة الشرطية على المفهوم ان ذلك من باب الانصراف ،و فيه انه ممنوع لغلبة الاستعمال في مطلق الاقتضاء و الترتب .
مسالة 49: الثالث من وجوه دلالة الجملة الشرطية على المفهوم انها اطلاقية اذ لو كان في البين شرط اخر لذكر و حيث لم يذكر فيستفاد العلية التامة المنحصرة .و فيه انه يعتبر في التمسك بهذه الاطلاقات احراز كون المتكلم في مقام البيان من هذه الجهات ايضا و مع عدم الاحراز لا وجه للتمسك بها .فلا بد من قرينة على البيان او الحصر كأن تكون الشرطية تخصيصا لعموم سابق وهذا هو الواضح وجدانا و عرفا في تحقق المفهوم للشرطية .
مسالة 50 : اذا كان الشرط متعددا و الجزاء واحدا ، فان كانا متلازمين في التحقق الخارجي فلا ريب في ان الشرط واحد هو الجامع بينهما و ان كانا مختلفين قيل بتحقق التعارض بين اطلاقي المنطوقين و بين مفهوميهما و لا بد حينئذ من دفع التعارض باسقاط العلية التامة المنحصرة عن الشرط و فيه انك عرفت انه ليس في الجملة الشرطية دلالة على ذلك فلا تعارض بل يكون كل منهما شرطا لتحقق الجزاء وهذا هو الراسخ في العرف المحاوري كما هو ظاهر .
مسالة 51 : ظاهر الجملة الشرطية حدوث الجزاء عند حدوث كل شرط فيتعدد الجزاء بتعدد الشرط الا اذا دلت قرينة معتبرة على الخلاف فتدل حينئذ على تداخل الاسباب او المسببات و الاول بأن لا يترتب على الشرائط المتعددة إلا وجوب واحد، و الثاني بأن يتعدد الواجبات و لكن يجوز الاكتفاء بفرد واحد في مقام امتثال الجميع ولا ريب في عدم تقييد الامتثال بعدم كونه لغير امره فيصح امتثال واجبات متعددة بامتثال واحد .
فصل : مفهوم الوصف
مسالة52 : مما استندل به للقول بمفهوم الوصف انه لو لم يدل عليه لكان ذكره لغوا اذ لا فائدة فيه غير ذلك و فيه وضوح عدم انحصار الفائدة في ذلك .
مسالة 53 : و مما استندل به للقول بمفهوم الوصف ما اشتهر من ان الاصل في القيد ان يكون احترازيا و ان تعليق الحكم على الوصف مشعر بالعلية فيثبت المفهوم لا محالة و فيه انه لا اصل لهذا الاصل الا في الحدود الحقيقية و التعريفات الواقعية وهي كلها خارجة عن مورد الكلام .و قضية تعليق الحكم على الوصف مشعر بالعلية ليست من القواعد المعتبرة مع ان الاشعار بالعلية اعم من العلية التامة المنحصرة التي هي مناط تحقق الموضوع .
فصل : مفهوم الغاية
مسالة 54 : المعروف بين اهل الادب ان كلمة حتى و الى تدلان على دخول الغاية في المغيا ما لم تكن قرينة على الخلاف و من المعلوم ان منهج اهل الادب هو استقراء العرف المحاوري مما يجوز الاعتماد عليه مع عدم ظهور ما يخالفه .
مسالة 55: ان الغاية ان كانت قيدا للموضوع تكون من الوصف حينئذ و قد تقدم عدم المفهوم له و ان كانت قيدا للحكم فتدل على ارتفاع الحكم عما بعد الغاية قهرا و الا فلا تكون قيدا للحكم وهو خلف .
مسالة 56: ان شك انها قيد للحكم او الموضوع فالاصل البراءة فتخرج حينئذ عن الدلالة .
فصل: مفهوم الاستثناء
مسالة 57 :ادوات الاستثناء تدل على انتفاء حكم ما قبلها عما بعدها بالمنطوق لا المفهوم الا في موارد خاصة.
فصل : مفهوم العدد
مسالة 58 : العدد تارة يكون محدودا بالنسبة الى طرفي القلة و الكثرة كركعات الظهر مثلا و اخرى بالنسبة الى طرف القلة و ثالثة الى طرف الكثرة و رابعة يكون لا اقتضاء بالنسبة الى الطرفين و الكل ليس من المفهوم في شيء .
المبحث الرابع : العام و الخاص
مسالة 58 :العموم عند العرف متقوم بالشمول وهو اما استغراقي شامل لكل ما يصلح ان يكون قردا له او بدلي أي ان مدلوله فرد واحد لكن على البدل او مجموعي يلحظ جميع الافراد عنوانا للعام ولازم الاول تحقق الاطاعة بامتثال كل فرد و العصيان بترك فرد اخر ولازم الثاني تحقق الاطاعة باتيان فرد ما و عدم تحقق العصيان الا بترك الجميع و اما الاخير فلا تتحقق الاطاعة فيه الا باتيان الجميع و يتحقق العصيان بترك فرد ما .
مسالة 59: لا اشكال في حجية العام في الباقي بعد التخصيص لوجود المقتضي و هو الظهور اللفظي و فقدان المانع لاصالة عدم مخصص اخر و ان كان العام المخصص مجازا لانه من اللفظ الموضوع للكل المستعمل في الجزء .
مسالة 60 : اذا كان العام مبينا و الخاص مجملا فان كان الخاص متصلا سرى الاجمال الى العام ، و اما اذا كان منفصلا فان كان اجماله للتردد بين المتباينين مفهوما او مصداقا فلا حجية للعام في محتمل التخصيص ايضا للعلم الاجمالي بورود التخصيص في الجملة ، و اما اذا كان الاجمال لاجل تردده بين الاقل و الاكثر مفهوما فالعام حجة في محتمل التخصيص و هو الاكثر لاسقرار ظهوره في العموم و عدم المنافي له الا في ما يكون الخاص حجة فيه و هو الاقل فقط فيرجع في الاكثر الى اصالة عدم التخصيص ، و اما اذا كان اجماله لاجل التردد بين الاقل و الاكثر مصداقا فهو النزاع المعروف انه هل يجوز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية وبعد العلم بورود المخصص المبين مفهوما فلا يجوز التمسك بالعام .
مسالة 61 : اذا تعقب العام بضمير و علم رجوعه الى البعض و كان مع العام في كلام واحد فلا حجية للعام بالنسبة الى ما بقي لاحتفائه بما يصلح للقرينة عرفا .و اما اذا ان كان في كلامين فاصالة العموم تعارض اصالة التطابق بين المرجع و الضمير اي اصالة عدم الاستخدام فيتساقطا .
مسالة 62 : :لا ريب في ان مناط التخصيص انما هو لاجل تقديم القرينة على ذي القرينة و مهما تحقق هذا المناط يصح التقديم بلا كلام وان كان المخصص مفهوما .
مسالة 63 : اذا تعقب الاستثناء جملا متعددة فالمتبع هو القرائن المعتبرة و مع عدمها فالمتيقن الرجوع الى الجملة الاخيرة .
مسالة64 : استقرت السيرة على تخصيص عمومات الكتاب و تقييده بما اعتبر من خبر الواحد و ذلك لما ارتكز في الاذهان من تقديم القرينة على ذيها و يدل عليه عموم قوله تعالى { وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا }
مسالة 65 : مقتضى الميل الى التوفيق و قصدية الخطاب و شيوع التخصيص و غلبته في المحاورات و ندرة النسخ هو القول ان الاصل عدم النسخ مطلقا الا اذا بثت بدليل قطعي لا سيما في الاحكام الشرعية الابدية .
المبحث الخامس : المطلق و المقيد
مسالة 66: معنى المطلق هو ما لم يحد بحد و ما لم يقيد بقيد و المطلق الحقيقي المجرد عن جميع القيود حتى لحاظ الاطلاق و الارسال .
مسالة 67 : المطلق هو الطبيعة المهملة فان كانت متوغلة في الابهام من كل جهة نوعا و صنفا و فردا فهو اسم الجنس و ان اتصف بالتعريف اللفظي مع الاهمال المعنوي من كل جهة فهو علم الجنس و ان كان اهمالها في خصوص الفردية البدلية السارية فقط فهي النكرة .
مسالة 68 : قد جرت سيرة اهل المحاورة على استفادة الاطلاق من مقدمات الاطلاق ( مقدمات الحكمة) بعد تحققها و تتركب من امرين الاول ان المتكلم في مقام البيان الثاني عدم وجود قرينة على التقييد و وجود القدر المتيقن قرينة .و الاصل كون المتكلم في مقام البيان والاصل هو عدم القرينة .
مسالة 69: يعتبر في حمل المطلق على المقيد و عن الاعتبار احراز و دة المطلوب .
مسالة 70 : المجمل ما لم يتضح المراد منه و لو بالقرائن و المبين خلافه و لا بد مع الاجمال من التفحص التام لعله يزول الاجمال و الابهام و مع عدم الزوال يرجع الى ادلة اخرى .
المقصد الثاني: الملازمات العقلية غير المستقلة
مسالة 71 : الملازمات العقلية غير المستقلة عبارة عما اذا كان طرفا الملازمة من غير العقل و لكن الحاكم بها انما هو العقل بخلاف الملازمات المستقلة فان طرفي الملازمة و الحكم بها من مدركات العقل كقاعدة التحسين و التقبيح العقليين و الملازمات العقلية غير المستقلة كثيرة و عمدتها في الاصول امور :
الامر الاول : الاجزاء
مسالة 72 : ان العقل يحكم بالملازمة بين امتثال المامور به على ما قرره الامر و سقوط الامر .
مسالة 73 : الامر اما واقعي او اضطراري و يعبر عنه بالواقعي الثانوي ايضا او ظاهري يكون مفاد الامارات و الاصول و اجزاء امتثال الظاهري هو من لوازم اعتبار الامارات و الاصول و صحة الاعتذار و ان خالفت الواقع اذ المكلف معذور في ترك الواقع .
مسالة 74 : من الواضح ان الاضطرار والعذر الذي هو موضوع التكاليف هو العذر المستوعب للوقت فلا يجوز البدار الى الامتثال في اول الوقت .
مسالة75 : لو اتى المكلف في مورد التكاليف الاضطرارية بالتكليف الواقعي و ترك تكليفه الاضطراري اجزأ عنه لان التكليف الاضطراري رخصة تسهيل .
الامر الثاني : مقدمة الواجب
مسالة 76 : تجب مقدمة الواجب بالوجوب التبعي ،فانا نرى بالوجدان عند طلبنا لشيء تعلق الطلب ايضا بالنسبة الى مقدماته ، لكن هذا الوجوب عقلي لا يستلزم الوجوب الشرعي .
مسالة 77 : معروض الوجوب لعنوان المقدمة هي المقدمة الموصلة التي يعتبر فيها ترتب ذي المقدمة عليها في وجوبها.
مسالة 78 : يصح امتثال الواجب الشرعي بالمقدمة المحرمة وان كان عبادة لانها ليست جزء منه و ان كان الممتثل عاصيا ، و لو انحصر الامتثال بها قدم الواجب ان كان من مقاصد الشريعة في حفظ النفس او المال او العرض او العقل او الدين ، و الا سقط الواجب .
مسالة 79 : الحرام يستلزم عقلا وجوب ترك المقدمة الموصلة اليه ، و لو اتى بها و وقع ذيها فلا عقاب عليها بل على ذيها فقط ، و لا يعتبر فيه قصد التوصل بها اليه ، نعم اذا كان جاهلا او غاقلا عن استلزامها للحرام فانه يكون معذورا.
الامر الثالث : اقتضاء الامر بالشيء النهي عن ضده
مسالة 80 : قيل ان الامر بالشيء يقتضي النهي عن ضده لان وجوب كل ضد ملازم لعدم الضد الاخر مما يعني انهما متحدان في الحكم و فيه انه لا دليل من عقل او نقل على ان التلازم الوجودي موجب للتلازم الحكمي .
مسالة 81 : مما استدل به على الاقتضاء هو مقدمية عدم احد الضدين لوجود الاخر و فيه ان العلاقة بين وجود الشيء و عدم ضده هي قضية حقيقية حينية ، فانه اذا تحقق الشيء كان ضده معدوما ، و ليس هذا من المقدمية بشيء و الحاصل ان الامر بالشيء لا يقتضي النهي عن ضده مطلقا لا بنحو الملازمة و لا بنحو المقدمية .
الامر الرابع : الامر بالاهم يقتضي الترخيص في ترك ما يزاحمه
مسالة 82 : لا ريب ان العقل يحكم بتقديم ما هو محقق للمقصد على غيره ، فاذا تزاحم امران فان العقل يرى وجوب تقديم ما يحفظ غاية الجعل و الاعتبار .
مسالة 83 : المعلوم من الشريعة و المقطوع به فيها ان من مقاصد الشريعة حفظ النفس و العرض و المال و العقل ،فكل ما كان منها وجب تقديمه على غيرها و لا ريب في تقديم ما يحفظ النفس على غيره و ما يحفظ العرض على غيرهما و ما يحفظ العقل على غيرهذه الثلاثة ، و ما يحفظ المال على غير هذه الاربعة ، و اما غيرها فليس من المقطوع به القول بالاهمية و لا يكفي الاستظهار ، بل يكون المتحقق نظام التزاحم فما قيل من وجوه الاهمية غير ما قلنا لا عبرة به .
مسالة 84 : الوجوب العقلي بتقديم الاهم المقاصدي ترخيص يستلزم معذورية ترك غيره بفعله ، لكنه لو عصا و ترك الاهم وجب امتثال الاخر لتمام ملاكه و التقديم غير مسقط له و جواز ذلك كله يشهد له الوجدان و هو ما يعرف بالترتب .
الامر الخامس : النهي عن الشيء هل يوجب الفساد
مسالة 85 : ان التقرب الى المعبود بما هو مببغوض و منفور لديه مستنكر و قبيح و باطل بالضرورة .
مسالة 86 : الذات عرفا هو المشخص المركب من الاجزاء و الشرائط ، و كل ما كان منه كان مفسدا له ان كان حراما سواء كان جزء او شرطا.
مسالة 87 : النهي عن المعاملات اذا كان ارشادا الى الفساد فلا ريب في البطلان بالمهني و اما اذا كان تكليفيا محضا فلا ريب في الاثم لتحقق المخالفة كما لا ريب في ترتب الاثر و عدم الفساد للاطلاقات و العمومات و اصالة الصحة و عدم منشأ للفساد .و مع الشك فمقتضى الاطلاق و العوم و اصالة الصحة عدم البطلان .
المقصد الثالث: في ما يصح الاعتذار به
و هنا ثلاث مواضع
الموضع الاول : ما يكون معتبرا في نفسه وهو القطع
و البحث فيه عن امور
الامر الاول : حقيقة القطع و حجيته
مسالة 88 : حقيق القطع الكشف و المرآتية و اثاره وجوب العمل على طبقه و استحقاق العقاب على مخالفته و كونه عذرا مع المخالفة للواقع قصورا لا تقصيرا و هذه الاثارا من المرتكزات التي يلتزم بها كل عاقل .
الامر الثاني : التجري
مسالة 89 : التجري و الانقياد من الموضوغات العرفية ، و لا ريب في قبح التجري و كونه موجبا لاستحقاق الذم او العقاب ، لان المناط في ايجاب المعصية الحقيقية لاستحقاق العقاب ليس الا هتك المولى و المبارزة معه و الظلم عليه و لا ريب في تحقق ذلك كله في مورد التجري لدى العقلاء كافة .
مسالة 90 : الفعل المتجرى فلا ريب في كونه من مظاهر الطغيان و الظلم على المولى عرفا و يكفي في ذلك قبحه لدى العقلاء من دون ان يستلزم الحرمة الشرعية فان القبح أو الحسن، تارة يكون منشؤه ذات العمل الذي يكون مادة التكاليف، مع قطع النظر عن تعلق طلب المولى به، كقبح الظلم وحسن العدل، واخرى يكون منشؤه تعلق تكليف المولى به ومفاد الهيأة، وما يمكن أن يقال باستلزامه لأمر المولى ونهيه هو القسم الأول لا الثاني .
الامر الثالث : اقسام القطع
مسالة 91 : لا يخفى ان مقتضى طبع القطع ان يكون طريقا محضا الى متعلقه كسائر الحجج و الامارات فاخذه في الموضوع مطلقا يحتاج الى دليل خاص يدل عليه .و يكون فيه تابعا لمقدار دلالة الدليل فقط فتارة يؤخذ على نحو يكون تمام الموضوع بان يدور الحكم مدار القطع اخطا او اصاب و اخرى يكون بنحو جزء الموضوع بان يدور الحكم مدار القطع و متعلقه معا بحيث ينتفي بانتفاء احدهما و على كل منهما اما ان يؤخذ فيه من حيث انه كاشف عن الواقع او من حيث انه صفة خاصة من صفات النفس في مقابل الظن و الوهم و سائر الصفات النفسانية .
مسالة 92 : لا ريب ان اهم اثار القطع صحة الاعتذار به و الاستناد البه ، و اما الكشف عن الواقع وان كان من لوازمه ايضا و لكنه مغفول عنه غالبا لان القاطع لا يرى الواقع و لا يلتفت الى قطعه و جهة الكشف غالبا و حينئذ فكل ما صح به الاعتذار و جاز الاستناد اليه يقوم مقامه من هذه الجهة و الحيثية بنفس دليل اعتباره سواء كان امارة او اصلا موضوعيا او حكميا، اما القيام مقام ما اخذ في الموضوع فالحق صحته ايضا فيما اخذ فيه من حيث الكشف و الاعتذار لا من حيث صفة القطعية لان العلة التامة للدخل في الموضوع و المناط كله ليس الا صحة الاعتذار و الاعتبار لدى العقلاء .
الامر الرابع : اخذ القطع بحكم في موضوع نفسه او مثله او ضده
مسالة 93 : قيل انه لا يمكن اخذ القطع بحكم في موضوع نفسه للزوم الدور ، و فيه انهما مختلفان جهة لان متعلق القطع ذات الحكم و ماهيته ، و اما الحكم فهو بوجوده العيني الخارجي يتوقف على القطع به فيختلف المتوقف و المتوقف عليه فلا دور .
مسالة 94 : و اما اخذ القطع بحكم في موضوع مثله و ضده فقيل انه يستلزم اجتماع المثلين و الضدين و هما باطلان و فيه ان الضدين و المثلين امران وجوديان لا يجتمعان في محل واحد و الاحكام مطلقا ليست وجودية و لا من العوارض الخارجية بل هي اعتبارات عقلائية .
الامر الخامس : الموافقة الالتزامية
مسالة 95 : لا يجب الاتزام بالوجوب و الحرمة قلبا ، فليس في البين الا تكليف واحد متعلق بالجوارح لا اثنان ، فلا تجب الموافقة الالتزامية ولا تحرم المخالفة الالتزامية ايضا للاصل بعد عدم الدليل عليهما من عقل او نقل .
الامر السادس : القطع الحاصل من العقليات و قطع القطاع
مسالة 96 : قيل بعدم حصول القطع الطريقي من الامور العقلية لعدم احاطة العقول بالواقعيات و فيه انه خلاف الوجدان ان اريد به السالبة الكلية و ان اريد به ان الخطا فيه اكثر مما يحصل من غيرها فهو من مجرد الدعوى و لا شاهد عليه و قد قيل ايضا بعدم اعتباره و لو حصل منها لعدم وصول دليل من الشرع على تقريره و كثرة مخالفته للواقعيات و فيه انه خلاف الطريقة العقلائية من اتباع القطع مطلقا بلا نظر الى منشا حصوله ابدا و عدم ورود ردع من الشارع .
مسالة 97 : من الواضح عدم اعتبار قطع القطاع أي كل من يحصل له القطع بادنى شيء على خلاف المتعارف بين الناس في اسباب حصول القطع عندهم لعدم بناء من العقلاء على ترتيب الاثر لهذا النحو من القطع .
الامر السابع : العلم الاجمالي و بعض ما يتعلق به
مسالة 98 : لا فرق بين العلم الاجمالي و التفصيلي في نفس العلم من حيث هو علم ، و انما الفرق بينهما في المعلوم بالعرض المتحقق في الخارج من جهة سراية الجهل اليه في العلم الاجمالي دون التفصيلي ،و من المعلوم ان المناط كله في كون العلم التفصيلي علة تامة للتنجز ليس الا ان مخالفته عدم مبالاة بالزام المولى و هتك بالنسبة اليه ، و لا ريب في تحقق هذا المناط في المخالفة لبعض اطراف العلم الاجمالي فيكون علة تام للتنجز كالتفصيلي .
مسالة 99 : : شرائط تنجز العلم الاجمالي شرائط عقلائية حاصلة من مرتكزاتهم التي هي المدار في تنجز التكاليف مطلقا في ما لم يرد فيه تحديد شرعي اولها ان يحدث بالعلم الاجمالي تكليف فعلي غير مسبوق بالوجود ، فلو كان بعض اطرافه المعين محكوما بحكم تفصيلي مثل الحكم المعلوم بالاجمال فحدث العلم الاجمالي بعد ذلك لا اثر لمثل هذا العلم الاجمالي في التنجز .
مسالة 100 : من شرائط تنجز العلم الاجمالي ان يصلح للداعوية و البعث نحو التكليف في عرف العقلاء ، و يترتب على هذا الشرط خروج موارد عن تنجز العلم الاجمالي منها ما اذا لم يكن بعض الاطراف مورد الابتلاء و بيانه ان للقدرة مراتب الاولى القدرة العقلية المحضة و الثانية القدرة العرفية التي هي اخص من الاولى و تدخل فيها القدرة الشرعية ايضا و الثالثة قدرة اخص منهما و هي كون المقدور مورد عمل القادر عرفا مع وجود المقتضي و فقد المانع بحيث تكون القدرة بالنسبة الى تمام الاطراف على حد سواء من حيث وجود المقتضي و فقد المانع فلو كان في احد الاطراف مانع عن اعمال القدرة فهو خارج عن محل الابتلاء فلا تنجز للعلم الاجمالي المتعلق به و بغيره . نعم لو كانت الاطراف مورد الابتلاء و اثر العلم الاجمالي اثره فخرج بعض الاطراف عن مورد الابتلاء لا يضر ذلك بتنجز العلم الاجمالي و بقاء اثره في ما بقي تحت الابتلاء للاصل. و من تلك الموارد الشبهة غير المحصورة التي هي ايضا من مصاديق خروج بعض الاطراف عن مورد الابتلاء اذ لا موضوعية لعدم الحصر من حيث هو بل لا بد من انطباق عنوان عدم الابتلاء او الحرج او نحو ذلك عليها حتى يسقط العلم عن التنجز .
مسالة 101 : ان الاصول الجارية في اطراف العلم الاجمالي تارة تكون مثبتة للتكليف و اخرى تكون نافية و ثالثة تكون بعضها مثبتة و بعضها نافية و لا ريب في تنجز العلم في الاولين و اما الاخير فلا يبعد سقوطه عن التنجز .
الامر الثامن الامتثال الاجمالي
مسالة 102 : لا ريب في صحة الامتثال الاجمالي مع عدم التمكن من التفصيلي منه كما ارتكز في اذهان العقلاء و اما مع التمكن فقيل بعدم جوازه لانه مناف للجزم بالنية و يرد بانه لم يدل دليل من عقل او نقل على اعتبار الجزم بالنية فمقتضى الاصل عدمه كما ثبت في محله ، ولانه خلاف المتعارف و يرد بانه ليس كل ما هو خلاف المتعارف خلاف المشروع و لانه لعب و عبث في امر المولى و يرد بان اللعب و العبث قصدي اختياري و المفروض عدمه ، مع ما هو المتسالم بين الكل ان العلم مطلقا طريق الى اتيان الواقع و ان المناط كله اتيانه باي وجه اتفق .
الموضع الثاني : ما يصح الاعتذار به من جهة الكشف
وهنا مقدمة و امور
المقدمة : امكان التعبد بغير العلم
مسالة 103 : امكان التعبد بغير العلم مما يعترف به ذوو الفطرة السليمة و العقول و المستقيمة و الشبهات الواردة من قبيل الشبهة في مقابل البديهة و ان نفس الوقوع في الخارج من اقوى ادلة وقوعه و اثباته من دون احتياج الى التماس دليل اخر و تكفي السية المستمرة العقلاية قديما و حديثا في الامور المعاشية و المعادية في ذلك .
مسالة 104 : ان الامارات المتعارفة لدى العقلاء ان صادفت الواقع فلا يرون في ذلك محذور اجتماع المثلين و ان تحقق الفحص عن المعارض و المنافي و حصل الياس عن الظفر بهما ثم اتفقت المخالفة في الواقع واقعا و لم ينكشف ذلك يحكم العقلاء بالمعذورية و سقوط الواقع عن الفعلية عند اتفاق المخالفة و لا يتوهمون بمجعول في موردها سوى الواقع و الشارع لم يخترع طريقة غير هذه .
مسالة 105 : استدل على اعتبار مطلق الظن بان مخالفة الحكم الالزامي المظنون مظنة الضرر و دفع الضرر المحتمل واجب فكيف بالمظنون ، و يرد عليه ان الضرر الذي يجب دفعه منحصر بما اذا كان في اطراف العلم لاجمالي و في غيرهما تجري قاعدة قبح العقاب بلا بيان واستدلوا بدليل الانسداد و فيه انا نعلم بوجود احكام في موارد الطرق المعتبرة تاسيسا او امضاء بحيث لو تفحصنا و ظفرنا بها و رجعنا في غيرها الى الاصول المعتبرة لم يلزم محذور عقلي و لا شرعي ابدا و قد تفحصنا و ظفرنا بها فنرجع في غيرها الى الاصول المعتبرة .
الامر الاول : الظواهر
مسالة 106 : قد استقرت السيرة العقلائية على الاعتماد على الظواهر في المحاورات و المخاصمات و الاحتجاجات و يستنكرون على من تخلف عن ذلك و هذا من اهم الاصول النظامية المحاورية بحيث يستدل به لا عليه .
مسالة 107 : للظهور مراتب متفاوتة في المحاورات العرفية فكل ما لا يصدق عليه المجمل يكون ظاهرا الى ان يبلغ مرتبة النصوصية و جميع تلك المراتب حجة لدى العقلاء ما دام يصدق عليها الظاهر عرفا .
مسالة 108 : و من مناشئ الظهور قول اللغوي و اعتبار اقوالهم انما هو من جهة انهم من اهل الخبرة لا الشهادة حتى يعتبر العدالة و التعدد .
الامر الثاني الاجماع
مسالة 109 : فيل ان الاجماع معتبر لدى العقلاء لاجل كشفه عن حجة وثيقة لديهم و فيه انه من غير الظاهر مثل هذا الكشف غير ظاهر .
مسالة 110 : قيل ان الاجماع كاشف عن سنة المعصوم عليه السلام لقاعدة اللطف بانه اذا حصل اجماع على ما لا يرتضيه الله يجب عليه صرفهم عنه او الهام ما هو الواقع اليهم و فيه ان الواجب على الله تعالى انما هو اللطف بما هو المتعارف بين الناس و قد حصل ببعث الرسل و انزال الكتب و لا دليل على وجوب شيء زائد عنه عليه تعالى .
الامر الثالث الشهرة
مسالة 111 : قيل ان الشهرة الاستنادية العملية من اقوى موجبات حصول الوثوق بالصدور و ان شهرة هجران العمل من اهم ما يوجب الوهن و الخلل و فيه ان الظاهر من سيرة العقلاء ان الاطمئنان الموجب للعمل لا يحققه اي قسم من اقسام الشهرة الثلاثة (أي الروائبة و الاستنادية و الفتوائية) .
الامر الرابع الخبر الواحد
مسالة 112 : لقد جبلت الطباع و العقول بتلقي الخبر الموثوق به بالقبول و لو لم يكن مطلوبا لدى الشارع لوجب التنصيص بالردع في مثل هذا الامر العام البلوى فيكفي عدم التنصيص بالردع في القبول فكيف بتقريره .
مسالة 113 : قد يستدل على عدم اعتبار الخبر الواحد بالايات الناهية عن اتباع الظن و غير العلم ، و فيه اولا انها وردت في الاصول الاعتقادية ولا تشمل غيرها فلا ربط لها بالمقام و ثانيا ان المراد بالعلم في الكتاب و السنة ما يطمئن و تسكن اليه النفس لدى العقلاء – الى ان قال – و ثالثا انها معارضة بالادلة الاربعة الدالة على الاعتبار .
مسالة 114 : قيل ان مجرد الوثوق بالصدور من أي جهة حصل يكفي وهو حق لكن ليس من ضابط لذلك و من الجلي ان العقلاء يميزون بين الاخبار من حيث الوثوق فالمخبر الامين الثقة يقدم على غيره و الامين الممدوح يقدم على غير ذلك و الثقة يقدم على غيرهما و من هنا كان من الموافق لسيرة العقلاء ترتيب الاخبار المعتبرة في درجات سواء كان مفادها الاحكام الفرعية او غيرها من المعارف
الامر الخامس الاجتهاد و التقليد
مسالة 115 : ان اعتبار الاجتهاد و التقليد ضروري بل فطري ، و الاجتهاد هو ملكة تحصيل المعارف الشرعية من مداركها و من هنا فهو غير قابلة للتجزئة .
مسالة 116 : ليس ظاهرا من سيرة العقلاء وجوب الرجوع الى الاعلم نعم هو راجح عندهم .
الموضع الثالث الاصول العملية
مسالة 117 : مورد الاصول الجهل الثابت المستقر و لا استقرار له الا بعد الفحص عن الحجة و الياس و المراد بالجهل و الشك في مورد الاصول عدم الححية المعتبرة فيعم موارد وجود الظنون غير المعتبرة ايضا .
مسالة 118 : الاصول الاربعة المعروفة ( البراءة ، الاحتياط ،التخيير و الاستصحاب ) من الارتكازيات العقلائية يكفي في اعتبارها عدم وصول الردع ، فان العقلاء بفطرتهم بعد الفحص عن الحجة و الياس عنها لا يرون انفسهم ملزمين بشيء فعلا او تركا وهذا هو البراءة المصطلحة و انهم بفطرتهم يرون العلم الاجمالي منجزا في الجملة و يعبر عن ذلك في الاطلاح بالاشتغال او الاحتياط و عند الدوران بين المحذورين لا يرون انفسهم ملزمين بشيء مهما بالخصوص و يعبر عنه بالتخيير و مع اليقين السابق و الشك لاحقا تحكم فطرتهم باتباع اليقين السابق و يعبر عنه بالاستصحاب .
الفصل الاول : البراءة
مسالة 119 : البراءة من الفطريات العقلائية لقبح العقاب بلا بيان فيكون الكتاب و السنة ارشادا اليها
الفصل الثاني : الاحتياط
مسالة 120 : الاحتياط بحسب المرتكزات طريقي محض و لا يزيد في الطريقية على الامارة المعتبرة فكما انها منجزة في ظرف تنجز الواقع يكون الاحتياط ايضا كذلك و هو منحصر باطراف العلم الاجمالي و ما قبل الفحص و في غيرهما لا تنجز للواقع فلا وجه لتنجز الاحتياط الممحض في الطريقية .
مسالة 121 : استدل على الاحتياط بان المقام من ضغريات الشك في الفراغ و مقتضى حكم العقل فيه الاشتغال للعلم الاجمالي بوجود محرمات في الشريعة ، و فيه ، ان العلم الاجمالي ليس مطلقا في كل جهة بل الحق في بيانه ان يقال انا نعلم اجمالا بوجود المحرمات في ما بايدينا من الطرق و الاصول المعتبرة بحيث لو تفحصنا لظفرنا بها و قد تفحصنا و ظفرنا بها و الحمد لله فلم يبق علم اجمالي منجز في البين اصلا .و ثالثا انه لو كان مطلقا فلنا علمان اجماليان احدهما بالمحرمات و ثانيهما بطرق معتبرة عليها و هذان العلمان متقارنان حدوثا و في مثله لا تنجز للعلم الاجمالي بالمحرمات في غير موارد الطرق و الامارات .
مسالة 122 : ان كيفية الامتثال موكولة الى العقلاء و هي لديهم اما علمية تفصيلية او اجمالية او احتمالية رجائية و الامتثال برجاء المطلوبية نحو من الامتثال لديهم و لم يردع نه الشارع بل قرره بالترغيب الى الاحتياط .فكما ان الامتثال في موارد احراز الامر بالامارات و الاصول المعتبرة صحيح شرعا فكذا في موارد رجاء الامر بل يكون الانقياد فيها اشد كما لا يخفى .
مسالة 123 : لو علم الوجوب و تردد بين كونه تعيينيا او تخييريا فهذه هي المسالة المعروفة في الفقه و الاصول بدوران الامر بين التعيين والتخيير و المشهور فيها الاول لكونه من موارد الاشتغال و لما مر في مباحث الالفاظ من ان مقتضى الاطلاق كون الوجوب عينيا تعيينيا نفسيا ، ويرد عليه ان خصوصية التعيينية و العينية قيد زائد مشكوك فيه فيرجع فيه الى البراءة كما في سائر القيود المشكوكة فيها فالمقام من مجاري البراءة لا الاشتغال لعدم العلم باصل التكليف بحدوده و قيوده ، كما ان التمسك لتعيين التعييني بما مر في مباحث الالقاظ ان اطلاق الوجوب يقتضي كونه عينيا نفسيا تعيينيا باطل لانه من مقام الاثبات و ما نحن فيه في مقام الثبوت فلا وجه للخلط بينهما .
الفصل الثالث : اصالة التخيير
مسالة 124 : ان العلم بجنس التكليف اما في التوصليات او في غيرها اما الاول فليس فيه الا التخيير الفطري التكويني لانه بحسب ارادته الارتكازية اما فاعل او تارك و لا يجري فيه التخيير العقلي لانه فيما اذا كان في البين خطابان فعليان تاما الملاك من كل جهة و لفقد الترجيح و عدم تمكن المكلف من الجمع بينهما يحكم العقل حينئذ بالتخيير او كان خطابا واحدا فعلي معلوم بنوعه و له افراد متساوية من كل جهة فالعقل حينئذ يحكم بالتخيير بين الافراد و المفروض انه ليس في المقام الا خطاب واحد مردد بين الوجوب و الحرمة فالتكليف ليس معلوما بنوعه بل بجنسه المهمل فقط فيكون المقام خارجا عن التخيير العقلي بقسميه تخصصا ، اما لو كان كل واحد منهما او احدهما المعين تعبديا فالظاهر مع عدم ثبوت احدهما بالخصوص يكون الحكم هو التخيير ايضا بدعوى الاصل لدى العقلاء في كل ما تردد بين شيئين مثلا و لم يعلم بالخصوص .
مسالة 125 : : مقتضى بقاء مناط التخيير – وهو التخيير و الجهل بالواقع و عدم الترجيح – كون التخيير استمراريا فلا موجب لزواله بعد الاخذ باحدهما .
مسالة 126 : كلما علم بثبوت اصل التشريع و شك في جهات اخرى فهو من الشك في المكلف به فيكون مورد للاحتياط و الاشتغال و الجهات الاخرى التي تكون مورد الشك كثيرة و تكون تارة في الشبهة التحريمية و اخرى في الوجوبية و كل منهما تارة يكون من المتباينين و هو ما لم يكن معلوم التنجز في البين و اخرى من الاقل و الاكثر وهو ما تحقق فيه معلوم التنجز و شك في الزائد فهنا مقامان .
المقام الاول : في المتباينين
مسالة 127 : ان البحث انما هو بناء على كون العلم الاجمالي مقتضيا للتنجز لا ان يكون علة تامة له و الا فالبحث ساقط من اصله لحكم العقل بوجوب الاحتياط حينئذ . واستدل على عدم جريان الاصول في اطراف العلم الاجمالي فيكون حينئذ المقتضى للتنجز موجودا و المانع عنه مفقودا فيكون مثلما اذا كان علة تامة للتنجز بوجوه اسدها و اخصرها ما ارتكز في الاذهان من ان مورد الشك الذي تجري فيه الاصول لا بد و ان يكون لا اقتضاء بالنسبة الى الحجية و التنجز من كل حيثية و جهة فلو كان فيه الاقتضاء لها فلا مورد للاصول حينئذ ولا اقل من الشك في ذلك فلا يمكن التمسك يادلتها اللفظية لانه تمسك بالعام في الشبهة المصداقية و لا بادلتها اللبية لان المتيقن منها غير ذلك فلا محيص من الاحتياط و لا ريب في ثبوت الاقتضاء في كل من اطراف العلم الاجمالي .
مسالة 128 : لا ريب في تقوم الشبهة غير المحصورة بالكثرة في الجملة لان غير المحصورة من المفاهيم العرفية لا بد من مراجعة العرف فيها ، و الحق عدم صحة تحديدها بحد خاص ، فالمناط كله ان لا يرى العقلاء العلم الاجمالي فيها منجزا من كل حيثية و جهة بل يقدمون بمقتضى فطرتهم على ارتكاب الاطراف بلا تردد منهم على ذلك و عدم صلاحية مثل ها العلم للداعوية لايجاب الموافقة القطعية .و ان تقوم مفهوم الشبهة غير المحصورة عند العقلاء بكون امتثالها موجبا للعسر و الحرج معرف ظاهرة .
المقام الثاني في دوران الامر بين الاقل و الاكثر
مسالة 129 : ان الشك في الاقل و الاكثر اما استقلالي أي لا ترتبط الاجزاء ببعضها البعض في مقام الامتثال ، او اراتباطي وهو ما اذا كان لجميع الاجزاء امتثال واحد و مخالفة واحدة ، و من الظاهر البراءة عن الاكثر عقلا و نقلا في جميع ما يتصور من موارد الاقل و الاكثر مطلقا لادلة البراءة العقلية و النقلية .
الفصل الرابع الاستصحاب
مسالة 130 : الاستصحاب هو اسراء اثر ما يعتذر به سابقا الى زمان الشك فيه .
مسالة 131 : ان متعلق اليقين و الشك اما ان يتعدد وجودا او لا و على الثاني اما ان يسري الشك الى اليقين و يزيله او لا و الاول قاعدة المقتضي و المانع و الثاني قاعدة الشك الساري و الثالث الاشتصحاب و يكفي في عدم اعتبار الاولين الاصل بعد عدم دليل عليه من السيرة و الاخبار .
مسالة 132 : للاستصحاب اقسام مختلفة فتارة يكون زمان اليقين و المتيقن سابقا على زمان الشك و المشكوك فيه لاحقا و هو الغالب في الاستصحاب المتداولة و اخرى يكون زمان حدوث اليقين و الشك واحدا مع كون زمان المتيقن سابقا و زمان المشكوك لاحقا، و ثالثة يكون زمان حدوث الشك سابقا و زمان حدوث اليقين لاحقا مع سبق زمان المتيقن على زمان حدوث الشك ، والحق اعتبار الاستصحاب في هذين القسمين اذ المناط كله في اعتباره اختلاف زمان وجود المتيقن و المشكوك مع تقدم الاول على الثاني، و رابعة يكون زمان المشكوك فيه سابقا و زمان المتيقن لاحقا و يعبر عنه الاستصحاب القهقري و لا دليل على اعتباره .
مسالة 133 : قد فصل في اعتبار الاستصحاب بين الشك في الرافع فيعتبر و بين الشك في المقتضي فلا يعتبر فان كان هذا التفصيل لقصور الاطلاق او العموم عن شمولها فهو خلاف الظاهر و ان كان لوجود مانع في البين فليس ما يصلح للمانعية ، كما ان التفصيل بين العدميات و الوجوديات فيعتبر في الاولى دون الثانية لا وجه له ايضا، بل يجري في الاعدام الازلية ايضا لعموم ما سياتي من الدليل و فقد المانع و العدم الازلي عبارة عن العدم السابق على الاشياء مطلقا .
المقام الاول :الادلة على حجية الاستصحاب
مسالة 134 : الدليل على حجية الاستصحاب بناء العقلاء لان الشك عندهم تارة بدوي و المرجع فيه بعد الفحص البراءة و اخرى من اطراف العلم الاجمالي و قد اسقر بناؤهم على الاحتياط فيه ما لم يكن مانع عنه في البين و ثالثة مسبوق بالثبوت و التحقق و استقر بناؤهم فيه على الاخذ بالحالة السابقة ما لم تكن قرينة على الخلاف سواء حصل الظن بالبقاء او لم يحصل و في مثل هذه السيرة العامة البلوى يكفي عدم ثبوت الردع و لا نحتاج الى الامضاء
مسالة 135 : لا ريب في شمول ادلة اعتبار الاستصحاب لما اذا كان المستصحب كليا كشمولها لما اذا كان المستصحب جزيا و المعروف ان استصحاب الكلي على اقسام ثلاثة ، الاول ما اذا كان المستصحب جزئيا خارجيا موضوعيا كان او حكميا فكما يصح استصحاب نفس الجزئي يصح استصحاب الكلي المتحد معه وجودا . الثاني ما يجري فيه استصحاب الكلي دون استصحاب الفرد و الجزئي وهو ما اذا لم يكن المستصحب متشخصا خارجا بل كان بحسب حدوثه مرددا بين فردين و لم يعلم ان ما حدث في الخارج ايا منهما ، فالاسصحاب في هذا القسم ان اجري في الشخص و الجزئي الخارجي من حيث انه كذلك فلا وجه له لعدم اليقين السابق بحدوث الجزئي ، و ان اجري في المردد بين الفردين من حيث الترديد فلا وجه له ايضا لان المردد من حيث هو كذلك لا تحقق له خارجا بل ولا ذهنا ايضا ، فينحصر الاستصحاب الصحيح في استصحاب كلي الحدث للعلم بتحققه . الثالث من اقسام استصحاب الكلي ما لا يجري فيه استصحاب الكلي و لا الفرد وهو ما اذا علم بحدوث الفرد و علم بارتفاعه ايضاو لكن شك في حدوث فرد اخر قبل ارتفاعه او مقارنا له او شك في تبدله بعد الارتفاع الى فرد اخر مخالف له من حيث المرتبة لا من حيث الذات ، و الحق عدم صحة استصحاب الكلي فيه لاختلاف القضية المتيقنة مع المشكوكة عرفا بل دقة ايضا اذ الكلي عين الفرد فما علم حدوثه علم بارتفاعه و غيره مشكوك الحدوث فلا وجه لجريان الاستصحاب في بقاء ما حدث للعلم بالاتفاع بل يجري في عدم حدوث ما هو مشكوك الحدوث .
مسالة 136 : مقتضى عموم ادلة الاستصحاب جريانه في ما هو معلق على شيء كجريانه في ما لم يكن كذلك ، و العرف بحسب ارتكازهم لا يفرقون بين الاستصحاب التعليقي و التنجيزي فلا وجه للمناقشة من حيث عدم المتيقن السابق اذ يكفي فيه الوجود الاعتباري .
مسالة 137 : لا ريب في اعتبار وجود الاثر الشرعي في مورد الامارة و الاصل مطلقا وهو تارة يترتب عليه بلا واسطة شيء ابدا او بواسطة امر شرعي و لا ريب في اعتبارهما حينئذ و اخرى مع وساطة امر عقلي او عادي و يعبر عن الاخيرين بالمثبت ، ولا ريب في ان مقتضى الاصل عدم حجية المثبت مطلقا لا في الامارات ولا في الاصل لاصالة عدم الحجية في كل شيء الا ما ثبت بالدليل المعتبر ، و اعتبار المثبتات من قبيل المداليل الالتزامية المختلفة بحسب اختلاف الموارد والجهات بلا فرق بين الاصول و الامارات و لا كلية للنفي المطلق بالنسبة الى الاولى ولا للاثبات المطلق بالنسبة الى الاخيرة .
المقام الثاني تقديم الاستصحاب على سائر الاصول العملية
مسالة 138 : لا ريب في تقوم الاستصحاب بلحاظ الحالة السابقة فيكون من اسراء الدليل السابق الى حالة الشك في مفاده و مدلوله ، و العقلاء بفطرتهم لا يترددون في تقديم الاستصحاب على الاصول بل لا يلتفتون مع لحاظ الحالة السابقة الى اصل من الاصول اصلا .
الخاتمة في التعارض
مسالة 139 : اذا تاملنا في بناء العقلاء نجدهم يحكمون بالفطرة في مورد التعارض بامور ثلاثة : الاول : عدم الحجية الفعلية للمتعارضين بعد التعارض لان حجيتهما معا لا تعقل واحدهما بالخصوص ترجيح بلا مرجح ، و لكن الحجية الاقتضائية ثابتة لا محذور فيها اذ لا تعارض في مقام الاقتضاء ، الثاني انه بعد سقوط الحجية الفعلية يتاملون و يتفحصون في ايصال الحجية الاقتضائية الى مرتبة الفعلية باعمال ما يمكن ان يصير منشا لذلك من المرجحات التي لا تضبطها ضابطة و الثالث : بعد استقرار التحير المطلق و الياس عن الظفر على مرجح من كل حيثية و جهة تبعث الفطرة الى التخيير و تحكم به .
مسالة 140 : يختص حكم التعارض – من الترجيح ثم التخيير – بالمتباينين فقط ولا وجه له في العام و الخاص ولا المطلق و المقيد لتحقق الجمع العرفي المقبول عقلائيا فيهما ، و كذا مورد العموم من وجه لان المتفاهم من ادلة حكم التعارض ما اذا لم يمكن الاخذ بالدليلين في الجملة و هو ممكن في مورد الافتراق من الدليلين .
مسالة 141 : الجمع العرفي عبارة عن التصرف في الدليلين او احدهما بحيث اذا عرضا على المتعارف من اهل اللسان يعترفون بانه لا تعارض بينهما مع هذا الوجه من التصرف .
مسالة 142 : من المحاورات الشائعة النص و الاظهر و الظاهر و لا ريب في تقدم الاول على الاخيرين و الثاني على الاخير لصلاحية النص للتصرف فيهما بخلاف العكس كما ان الاظهر يصلح للتصرف في الظاهر دون العكس و هذا من المسلمات المحاورية .
مسالة 143 : استقرت سيرة العقلاء على تقديم الخاص على العام مطلقا سواء كانا قطعيين من حيث السند و الدلالة او ظنيين كذلك او بالاختلاف لان الخاص قرينة للتصرف في العام و تقديم القرينة على ذيها من القطعيات في المحاورات .
مسالة 144 : الورود عبارة عن خروج مورد احد الدليلين عن مورد الاخر موضوعا بعناية الجعل فيكون مشتركا مع التخصص في الخروج الموضوعي الا ان التخصص تكويني كخروج الجاهل عن مورد اكرم العلماء و الورود بعناية الجعل ، و الحكومة وهي التي يكثر الابتلاء بها في الفقه عبارة عن ان يكون احد الدليلين صالحا لتوسيع مورد الدليل الاول او تضييقه او صالحا لهما معا و لعل الفرق بين الحكومة و التخصيص هو حيثية الشارحية التي تتقوم بها الحكومة دون التخصيص .
مسالة 145 : اذا كان امتناع الجمع بين الحكمين من ناحية عدم قدرة المكلف فقط لا من ناحية الشارع تحقق التزاحم ويكون الحكمان تامين ملاكا و تشريعا بل وحجة في مقام الاثبات و يلزم ذلك كونه اتفاقيا لان جعل ما لا يقدر عليه المكلف قبيح و ان يكون الترجيح بحسب الملاك فقط لفرض تمامية الحجة عليهما في مقام الاثبات فلا منشأ للترجيح من هذه الجهة و لو لم يوجد الترجيح الملاكي يتعين التخيير ثبوتا لا محالة .

المنشورات الأخيرة
إظهار الكلالحيض والطهر (فترة عدمه) أمور عرفية علمية طبية ويتراوح الحيض بين ٢ إلى ٧ يوم كل ٢١ إلى ٣٥ يوما فما يكون ضمن ذلك فهو طبيعي وحيض. ما يحدد...
تعليقات